2008/06/30

~*¤§¤* وقفات مع مرحلة المواجهة الأولى لإعتقالي بتاريخ 18/11/1970*¤§¤*~

بسم الله الرحمن الرحيم

اللقــــاء رقــــم.....( 2 )
* تابع اللقاءات بتسلسل أحداثها
* نستقبل وجهات نظركـــم
* اللقـــاءات قابلة للتعديـــل
قال تعالى :- بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " ...صدق الله العظيم
لا بد لنا من أن نذكر بأن المقابلة لتفهم التجربة الإعتقالية هي أهم عنصر وأفضل أداء يمكن استخدامها.
نؤكد هنا كذلك بأن التجربة الإعتقالية هي فريدة من نوعها بالنسبة لكل شخص
وتختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف السياسية

وجدير بنا أن نتدارسها ونتفهما وننقلها لأجيالنا بصدق وأمانة وأن نقف عند الإيجابيات والسلبيات
وهذا أمر إذا دخلنا بعمق النقاش حوله ستكون قصتنا حال قصة أستاذنا والأعضاء الخمسة
التي ورد ذكرها في اللقاء الأول .

فلو لم تكن الواقعية في الطرح وتمت المبالغة والمزايدة فمن التأكيد سيزداد الأمر تعقيداً ...
فيصل بنا المطاف لما لا تحمد عقباه .
وهذا ما لانريده...الذي يعنينا هو شمولية التجربة الإعتقالية والتركيز على الأساسيات

فلنبدأ الآن من نقطة البداية للتجربة الإعتقالية (بداية الإعتقال)
فالطريق نحو التحرير ليست مفروشة بالورود...المهم قدّر الله وما شاء اللّه فعل:
أكيد بعد أن تصل الإخبارية للمعنيين من أبناء عمومتنا حول مجموعة أو خلية تنظيمية كما كنا نسميها
يكون الشخص المراد إعتقاله مراقب لديهم وبهمة أبناء جلدتنا وكما يقول المثل : ....".سوس العود منه وفيه"

فيتحرك "يهــــــــــــــود " أبناء العمومة ...بعد منتصف الليل والناس نيام. حيث تكون قد دقت ساعة الصفر
فتبدأ القوات نحو صيدها مع أخذهم بعين الإعتبار الإحتياظات الأمنية الكاملة وتظهر المنطقة المزمع إقتحامها
لمن هم عزًل ونيام وكأنها ساحة حرب والمظهر مرعب لمن لم يتعود على مثل هذه المظاهر.....

طبعاً ومن خلال عنصر المواجهة يستهدف من ذلك النيل والسيطرة على المزمع إعتقاله
ليصبح أسير حرب بمفهومنا ومخرب بمفهومهم ...

.بينما يكون صيدهم في الفراش يصحو من نومه ليفاجأ بالصراخ وتوجيه السلاح فوق رأسه
بالإضافة لحملة التفتيش وقلب محتويات البيت رأساً على عقب.... "يعني محتويات السكن مخلوطة "
فيقيد الأسير بيدية... أو قد يقيد بيديه ورجليه بالسلاسل الحديدية .." الكلبشات "

فهنا يبدأ التحدي بين الضحية والجلاد.... ويتعلق ذلك بوعي وشخصية وتجربة من سيكون حاله هكذا
مع مقدار قدرته وطاقته لإستيعاب الصدمة الأولى ..
.فقوة معنوية أهله وذويه لها دورها الإيجابي والفعال لتحبيط أو رفع المعنويات

وهذا يتعلق بطبيعة الصدمة ووعي من سيواجهونها ...
فعلينا أن نلتمس العذر لكل من سيتم إعتقاله ولذويه بحكم التباين
في قدرة المواجه وتحمل الصدمات بين شخص وآخر

.وأكيد يسأل الأهل أو الزوجه المخابرات عن سبب هذا الإعتقال لفلذة كبدهم !؟ فيقال لهم كالعادة.
ما في شيء!!! إطمئنوا عليه هو في أيدي أمينة!!!
فبمجرد كم سؤال وساعات سيعود وقد يعود أو لا يعود بعد إنتهاء فترة التحقيق
فبطبيعة الحال يضعون الكيس على رأسه أو العصبة على عينية حيث يكون مقيداً بالسلاسل الحديدية

وبعد مغادرة المعتقل والضحية لفناء بيته بصحبة جلاديه "سيأخذ نصيبه في الطريق من الضرب والشتائم
وصولاً به إلى مركز القيادة الميدانية المؤقت في أعلى موقع يعسكر فيه جلادوه إلى أن تنتهي حملة الإعتقالات في المنطقة

فحينها وعلى الفور يتم تشخيص المعتقل هو ومن معه من رفاق الدرب من قبل العملاء من أبناء جلدتنا
ويتم بعدها التركيز عليه حيث أن الأسير يكون مضطّرب ومرتبك إلى حد ما.
فينال الوجبة الدسمة الأولى لعله يعترف أو يدلي لهم بمعلومات تطلب منه

وبعد إنجاز المخابرات لمهمتها في المنطقة تنسحب من الموقع وتخرج بصيدها في سيارات الجيب
إلى غرف التحقيقات في المسكوبية

. ومن خلال الطريق يصح للأسير وجبة سريعة من لطمات وكفوف وشلاليط ورفص وشتم وسب
وصراخ وألفاظ محترمة ومرتبة . من قبل حرس الحدود والشرطة العسكرية منها والمدنية

المهم هنا على الأسير منذ بداية المواجهة " أن لا يظهر بأنه يعرف لغة عدوه إذا كان قد تعلمها "
لعله يتلقي معلومات تعنيه من قبل جلاّديه خلال تواصلهم ببعض قد يتلفظ بها رجال المخابرات في المرحلة الأولى
وتأتي المرحلة الثانية والرسمية للمواجهة الحقيقية... فيتولى إدارتها المخابرات
فتكون أصعب ولكن الأسير يكون قد تهيأ نوعاً ما للمواجهة بشكل أكثر
رغم أنه سيواجه لاحقاً أصنافاً من التعذيب وقد يستمر به الحال لثلاثة أيام متواصلة دون نوم....

وخلال هذه المرحلة إما أن ينهار الأسير ويكب ما في جعبته من معلومات فيعترف
ويخط المحقق إعترافاته ويوقع عليهاالأسير وقد يستعيد الأسير قواه فيثبت

.وقد لا يتلقىالأسير وجبة طعام أو كوب من الشاي أو شربة ماء
وقد يحرم من العناية الطبية لعدة أيام بهدف الضغط عليه

وقليل ممن يتم إعتقالهم إعتقالاً إحترازياً لا يواجهون بمثل هذه المواقف
فيقادون بهدوء من قبل المخابرات دون قيد أو عصبة عين

وإلى أن نلتقي معكم في اللقاء....رقم " 3 "

2008/06/28

مقدمات تتخللها بعض المداخلات لمرحلة تفهم العقيدة وثباتها

بسم الله الرحمن الرحيم

اللقـــــــــــاء رقــــم .......( 1 )
* تابع اللقاءات بتسلسل أحداثها
* نستقبل وجهات نظركـــم
* اللقـــاءات قابلة للتعديـــل
تقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
لهذه التجربة مقدمات تتخللها بعض المداخلات التي لا بد منها
وإليكم غيـــــــــــــــــض مـــن فيـــــــــــــــض...
* كانت مرحلة تفهم العقيدة وثباتها والحمد لله رب العالمين
أود أن يتفهم القاريء معظم الأمور الدقيقة والجوهرية إلى حد ما لتجربة الأمنيين دون غيرهم من السجناء الجنائيين " المدنيين"
التجربة تتلخص حول من زجّ بهم وراء القضبان ومن تم التحقيق معهم لأسباب أمنية بشأن أعمال ضد الإحتلال الإسرائيلي
منذ نكبة سنة 1967م حيث شملت كل حارة وقرية ومدينة وكل عائلة وبيت
.والتي قد تكون على قدر كاف من الأهمية لفهم التجربة الإعتقالية .المتمثلة في الصراع بين الضحية والجلاد
لتحكي قصة الصراع الفسطيني الإسرائيلي من خلال التبحر والتدقيق حول مختلف مراحل وقضايا الإعتقال.
ونتحرى من خلالها الموضوعية ولا نهدف بذلك إثارة الحماس وشد القاريء للنواحي العاطفية
كما ولا نهدف بذلك الإشادة والتبجيل بهذه التضحيات .ولكي نقف عند الحقائق فللتجربة إيجابيات وسلبيات
كما وليس من المنطق أن نتجاوز الخطوط الحمراء متحرين بذلك الأمانة في الطرح دون أن يكون جرح
أوتشهير ولا حتى المدح.....
وقد نشير إلى بعض السلبيات التي لا بد من التطرق إليها حتى نعطي القاريء موضوعية السرد .
على أن لا نبالغ وأن لا ندخل في تفاصيل ذكر الأحداث والشخصيات بمسمياتها جهدنا الذي نستطيع
فإذا تجاوزنا بعض الشيء لسبب أو لآخر فالتمسوا لنا الأعذار
.فلو أراد أيّ منا التحري حول شمولية هذه التجربة من خلال مقابلته لعينات ممن خاضوا هذه التجربة...
من مدن وقرى ومخيمات وخرب فلسطين ممن أفرج عنهم.... فبالتأكيد سيخلص في نهاية المطاف إلى نفس النتائج
مع إختلاف بسيط في أسلوب الطرح ووجهات النظر....آخذين بعين الإعتبار تجربة وخصوصيات وأسلوب
بل وتوجه كل معتقل في عملية الطرح.
وبحكم أنني من ضمن قائمة أسماء الأسرى المحررين ضمن صفقة التبادل التي تمت ما بين
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ، وحكومة الإحتلال الإسرائيلي بتاريخ 20 آيار 1985
والتي عرفت باسم " عمليــــــــة الجليــــــــــــــــل"
فسأبين لاحقاً ومن خلال مواضيع ملحقة وبعون من الله وتوفيقه أموراً لا بد من لي من ذكرها
حول الخصوصيات المميزة لعملية التبادل هذه وغيرها كما ويجدر بالذكر بأننا لاحقاً سننقل للقاريء
ومعلومات ذات العلاقة ومن مصدرها بهدف إغناء تجربتي هذه و أملي بالله العليّ العظيم
أن يتم الإفراج عن باقي أسرانا القابعين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية فرج الله كربهم أجمعين ...آميـــن
قال تعالى(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ )
لا شك بأن الشيطان يدخل في النفس الواحدة ويجري منها مجرى الدم
كما ويجري بين الاخوة فيوغر صدور بعضهم على بعض مع كونهم أشقاء ...
كما كان عليه الحال بين يوسف وإخوته عليهم السلام
فكما أشار عليه الصلاة والسلام ..بقوله: "الشيطان مع الفرد ومن الإثنين أبعد"
هذا قد يكون بعض الشيء لحال سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته...وهذه تجربة مريرة عانى منها شعبنا الفلسطيني
منذ ما قبل وبعد أن نشأت مقاومة الثورة الفلسطينية لسنة 1948
وما قبل ذلك من مقاومة الإنتداب البريطاني لسنوات طويلة خلت حيث كنا وكان من قبلنا على قلب رجل واحد
لا نعرف سوى معنى الجهاد المتمثل في دين الإسلام وإن كنا على الفطرة
.نهدف من الكتابة أن يقف أبنائنا وبناتنا على الحقائق بعينها وأن لا يغرر فيهم بأقوال ومباديء في ظاهرها الرحمة
وباطنها من قبله فيه العذاب.... ويجدر بالذكر قد نختلف معاً حول فكرة ما عقائدياً...ونلتقي معاً
في مواقف وأزمنة يتطلبها واجب الحال أن تكون ...علماً بأن معظمنا ما كان يعرف المبدأ التنظيمي الذي ينتمي إليه
بل كنا نعرف بأن عملنا موحد ووطني ولخدمة القضية الفلسطينية وفي سبيل الله
غالبيتنا ما كان يدرك أي معنىً للإختلافات حول وجهات النظر بين الفصائل
كعناصر منتمية لهذا الفصيل أو ذاك والغريب حتى اللحظة لقد إلتقيت مع عدد لا بأس به من الشباب
في المعتقلات وخارجها فبعضهم منتمي لتنظيم ولا يعرف من التنظيم سوى الشيء اليسير
فأفكاره في واد وما يطرحه تنظيمه في واد آخر..وقد يردد البعض منهم عبارات وشعارات لا يدرك مضمونها.
فتراه يدافع ويناطح ويعابط ولا يريد أن يقف على الحقائق.. ليعرف الحق ويعرف أهله .
فأين التنظير والوعي التنظمي على الأقل ليعرف العنصر معنى الضبط والربط هذا ناهيكم عن المسلكيات
التي تتنافى وواقع العمل النضالي في التنظيم بالإضافة لسوء فهمه للمعطيات وجهله لمعرفة القراءة والكتابة
بما في ذلك تلسنه بالألفاظ السوقية وسب الذات الإلهية وما يخفى عليكم
التجربة الإعتقالية علمتنا الشيء الكثير ونقلتنا في نهاية المطاف نقلة نوعية...
فيا حبذا يتابع مسؤولي التنظيمات والتوجهات السياسية داخل المعتقلات وخارجها فيما بينهم لمعالجة مثل هذه الظواهر
وبشكل مركز مع تفعيل عنصر المتابعة بهدف أن يتم التواصل فيما بينهم ....
لتنظيم كل خطوة بهدف خلق جيل واعي بعيد عن التعصب ومتفهم لقضيته ولمصلحتة .
بهدف أن نلم الشمل بين فصائل قضيتنا وعلى وجه الخصوص في الظروف الحالية
فما أن دخلت وتغلغلت فيما بيننا الأفكار الغريبة والتي لا صلة لها بديننا الحنيف
.. حيث بدأ الجدل والخلاف يتغلغل...فكثرة الجدل والاختلافات في وجهات النظر أحياناً تكون طامةً كبرى
ولا أنكر بأن الإختلافات في وجهات النظر أحياناً هي ظاهرة صحية
لنتعلم من قوله عليه الصلاة والسلام" ما ضلّ قوم بعد هدىً كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل"
لتكن لنا عودةً ثانيةً حول قصة السجن............
حيث جاء على لسان المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل السلام وأتمّ التسليم
"لو كنت مكان أخي يوسف لما انتظرت البراءة....لكنت قد استبقت إلى الباب" ... حيث أن السجن فتنة "
فمثال الصح والخطأعلى سبيل المثال لا الحصرحول الجدل الذي في زماننا هذا في السجون وخارجها
لعلنا نأخذ منه ما هو مفيد فليجبس كل واحد مع نفسه لمدة ساعة على الأقل
ويقسها بالنسبة لزمن تم قضاءة بين القضبان " 15 سنة " أو أكثر من ذلك أو أقل
يستحضرني هنا مثال قيل فيه:...........
.ليجلس مسؤول ما ليتكلم من خلال حلقة نقاش وسط مجموعة ما سترى ماذا سيحصل؟ !!!
فمثالنا على ذلك :.....الأستاذ المسؤول سيبدي رأيه فى مسألة ما بين مجموعة من الأعضاءه" "
فانظروا ماذا سيكون . وقد ما سيكون ظاهرة صحية واختلاف فيه رحمة
قام العضو الاول ليقول :........... كل كلامك صح يا أستاذي
وقام العضو الثانى ليقول :...........ما قاله استاذي بعضه صحيح وبعضه لا اوافقه فيه
فقام العضو الثالث ليقول : ..........يا جماعه بلاش اختلاف كلكــــم صــح
ثم قام العضو الرابع ليقول :........يا جماعه هو انتم بتتكلموا عن ماذا بالضبط.؟!...ههههههه
وختم القول العضو الخامس والأخير ليحسم الأمر فقال :.......... يا رجال كبروا مخكم
أستاذنا بيقدر يقول اللى يقوله وكل واحد يعمل اللى فى دماغه ههههه
******************
المقصود في هذا المثال أن نظهر ونبرز شخصيه العضو الثانى الذى كان فيه من القدره والشجاعه
ما جعله يعبر عن رأيه ولا أدري كيف نصنف أنفسنا مقارنةً بهؤلاء الخمسة !!!وقد يكون حالنا مثلهم ...
.ولكي لا نختلف ليتعامل أحدنا مع الآخر بمهارة وبذكاء فهل نتصف بالكمال؟ أليست فينا بعض العيوب؟*
سؤال أطرحه دائماً على نفسي هل ربحت أم خسرت وندمت في السجن على مدار خمسة عشرة سنة"؟
وكل سنة تنطح سنة "هذا كما وأطلب من كل من سجين أن يطرح نفس السؤال على نفسه
فالربح والخسارة بمقدار إستغلال الوقت الضائع وليس بمقياس الزمن الذي قضاه المعتقل بين القضبان الحديدية
فهنا من إستغل فترة محكوميته بعلم وثقافة عامة ودينية وثورية فلم يندم ولن يضيع عمره وزهرة شبابه بدون فائدة
وعلى وجه الخصوص من إختار هذا الطريق عن مبدأ بهف خدمة قضيته ووطنه
فمن لم يستغل فترة محكوميتة بهذا الشكل ويقضيها في لعب الزهر والدينومو وخلق المشاكل وخيانة الوطن والإنحراف الخلقي
ولم يتعلم فهو الذي ضيّع عمره في السجن بدون فائدة وهو الذي سيندم
فقلت لنفسي قبل سجني إن كان هدفي في الحياة بعد محنة الهزيمة في 6 حزيران
1967 حيث عشتها عن كثب وأنا في ريعان الشبا ب ومثلي كباقي الشباب أن نعيش بكرامة
وأن نحرر الوطن وأن يهدينا الله على طاعته حيث كنت مقصراً ولا مرشد ولا معين لي سوى الله
وأمثالي آلاف مؤلفة من الشباب كانوا وما يزالون ...وعليه فالسجن لم يحول بيني وبين عبادة الله
فكنت صادقا مع الله في أن أهتدي وأتعلم وأعلم وأخدم...وما زلت بعون من الله
أما سوي ذلك من الأضرار التي لحقت بي قد زالت والحمد لله فالأذى في النفس أو المال أو الأهل يزول
فوالله العلي العظيم لم أحدث نفسي بندم وما زلت والحمد الله.فكل مصيبة تهون... إلا المصيبة في الدين...
يقول تعالي مطمئنا لنا :" لن يضروكم إلا أذى ولكنكم تستعجلون"
.وجاء في الحديث الشريف" لو اطلع أحدكم على الغيب لاختار الواقع"
نعم فداك أبي وأمي يا رسول الله حين قلت:(لقد كان من قبلكم يؤتى بالرجل فيحفر له حفرة في الأرض، ثم يوضع فيها، ثم يوضع المنشار على رأسه، ثم يشق نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يرده ذلك عن دينه، والذي نفسي بيده! ليتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموتلا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)
** هل أستحق شرف السجن ؟....سؤال أطرحه على نفسي
وكذلك الحال أطلب من كل من سجن أن يطرح نفس السؤال على نفسة
فليعرف أين يقف كل منا من هذه الحقيقة...أعود فأقول :....بينما كنت أقرا وأسمع أقوالاً عن ثبات المؤمنين مع أنبيائهم
وتابعيهم وثبات الحركات الإسلامية في وجه الظلم سابقاً ولاحقاً اًو في سجون أبناء جلدتنا وديننا الحنيف خاصةً
هنا كان جدير بنا أن ندرك ومن خلال التجربة الإعتقالية على مدار عقد ونصف بأن سلفنا الصالح أوصلوا... لنا هذا الدين
نقياً طاهرا ً وعانوا الكثير الكثير...أمل بأن استحق هذا الشرف العظيم
طلبت من الله لأن يختارني لأكون من بين من يحملون دعوته دون ضعف أو تردد أو ندم
وإن كنت لست بالمستوى الذي أتوقـــه... ولكن أعمل جهدي الذي أستطيع
قال تعالي: (وكم من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)
*****************
لنبدأ في سرد التجربة الإعتقاليــــــــــــة
للعلــــــــــم: لا بد لي من ترجمة بعض الكلمات وكتابتها باللغة العبرية
" لغة المحتل لأعتبارات يقتضيها الواقع"
نعــــم : من اللحظة الأولى لمداهمتنا من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي أنا وأخي غالب في النسب "
أبي عبدالله والمكنى( بأبي الوفاء)والذي يصغرني سناً ويكبرني قدراً إن شاء الله " حيث كان قائداً
لأكبر ثاني مجموعة فدائية في السبعينات لمنطقة القدس الشريف
دوهمنا في عقر دارنا من بعد منتصف الليل وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك
ونحن نيام.حيث بدأنا نتهياً لأخذ وجبة إستقبال شهية لا مجال لوصفها إلى أن إستقر بنا الحال"
لغرف التحقيقات وزنازين مركز شرطة المسكوبية " מגרש הרוסי " في أواخر ليلة 19/11/1970
ثم مددت فترة التحقيق لـ 15 يوماً إضافياً...... حيث قام حرس الحدود بالواجب واحتفلوا بنا وما قصروا فينا والحق يقال
كما سيتم توضيحه لاحقاً وبعد مدة ألـ 30 يوم والتي قضيناها في فندق زنازين المسكوبية وغرف المحققين
وبعد أن إنتهينا من فترة التحقيق وبقرار من محكمة الصلح المقابلة لمركز التحقيقات"المسكوبية "
تم نقلنا إلى سجن الرملة المركزي مباشرةً وفي الطابق الثاني حيث الإكسات فتنفسنا الصعداء ولمدة أسبوعين أخريين
ومن ثم تم نقلنا لقسم المتسللين المعروف بإسم "אגם"
حيث كان اللقاء مع القادة والأحبة الفدائيين... فمنهم الطبيب والمهندس والمدرس والمحامي والحرفي والتاجر
والمعلم والصديق والقريب وممن سمعنا عنه ولم نسمع
مستوياتهم وثقافاتهم من الألف إلى الياء....... ومن كل قطر شاب ,وأبرزهم بالنسبة لنا المناضل محمود بكر حجازي
أول أسير فلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة الذي أعتقل متسللاً عبر الحدود بتاريخ 18/1/1965،
وحكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ, فاعتمد المجلس الوطني الفلسطيني السابع عشر من كل عام،"
ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، ..منذ إطلاق سراح أول أسير "محمود بكر حجازي" في ذات اليوم من عام 1974
سنتطرق لاحقاً بعض الشيء حول أساسيات سيرته النضالية
وبالفعل فإن الرحلة على مدار 15 سنة كانت ممتعة ولها طعم ونكهة خاصة تجعل مني بالفعل أن لا أندم
وكيف أندم وقد شرفني الله بالتعرف على عقيدة الإسلام ونعمة الهداية وإن ذقنا فيها الأمرّين
حيث قضيناها في مدرسة السجن التي لم ولن تفوقها مدرسة بل وجامعة على ظهر البسيطة والمتمثلة بالمدرسة اليوسفية
التي تخرج منها سيدنا يوسف عليه السلام والتي تصنع الرجال
ويكفيني شرفاً أن تعرفت على من هم من كل قطر شاب... ولكي نتروى علينا أن نعلم بأنه ليس كل ما يلمع ذهباً..
بمعنى أن هناك كمّ من المعتقلين لم يستغلوا وقتهم فقضوها في القال والقيل ولعب طاولة الزهر والدينيمو وحدّث ولا حرج
ومنهم من توجه نحو الإنحرافات الخلقية والتي أدت بهم في نهاية المطاف إلى الإنحراف الأمني
ليستقر بهم المآل إلى غرف العصافير....وفي ذلك توضيح لاحق إن شاء الله ,
فقسم الـ"אגם"يجمع معتقلين من كل حدب وصوب بما فيهم معتقلي بيت المقدس , ويحاذيه قسم شامل" كلليت- כללית"
حيث يتواجد فيه إخواننا من عرب ألـ48"
ويليــــــــه على بعد 100 متر هوائي من الجهة الجنوبية
معتقل للنساء الحرائر ممن قضيتهن سياسية في غرف خاصة و يعشن في قسم الجنائيات
,ومن الجهة الغربية الشمالية يقع قسم السجن المفتوح المعروف بـمعاسي إلياهو- "מעסי אליאהו "
وهو قسم كروانات "بركسات" مفتوح وعصري له ميزات وقوانين مختلفة عن باقي السجون.
يقتصر فقط للوافدين ممن هم متهمون بقضايا جنائية ومدنية " من الجنسين من العرب ويهود وأجانب "
حيث يخرجون للعمل من الصباح بصحبة شرطي/ة ثم يعودون مساءً للنوم
وبعد قضاء ثلثي محكوميتهم يتم الإفراج عنهم.
ويسمح لهم كل فترة للذهاب لذويهم ومشاركتهم لهم في أفراحهم وأتراحهم.
فلنعد لنقول لكم بأن الشيطان يشغل المعتقلين وذويهم ويغرقهم بالهموم بحيث لا يهنأ أحد بطعام أو شراب أو نوم
فتكون حياتهم قلق وأحزان ,فهنا الكل فينا يقوم بدوره ليتأقلم في مواجهة هذا الواقع المرير
بل يستسلم لقدر الله ليتعامل مع متطلبات واجب الحال ويتكيف لظروفه بثبات ويقين وقوة
لقوله تعالى : " إن الله لا يضيع اجر من أحسن عملاً "
وهكذا يكون موقف الرجال دائما في مواجهة الشدائد والمحن والابتلاءات فالإنسان بعد الحدث ي نزل الله عليه السكينة والقوةوالثبات قال تعالى: " يا نار كوني بردا وسلاماً علي إبراهيم "
فالسجن حقاً هو جحيم ونار وعذاب وإشكالات ومواجهات لا حصر لها ما بين المعتقلين أنفسهم من جهة,
وما بين المعتقلين وإدارة السجن والسجّان وأحياناً بين المعتقل ونفسه أو بينه وبين أهله .
حيث قال عليه الصلاة والسلام : " لو كنت مكان أخي يوسف ما انتظرت البراءة لكنت قد أستبقت إلى الباب "
وهناك مصائب ومصائب منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي..
ولا يفوتني في هذا المقام سوى أن نأخذ وصلات من قصة سيدنا يوسف في سجنه عليه السلام لما فيها من العبر والعظات
والمقدرة على الصبر والثبات..
أليست قصة سيدنا يوسف عليه السلام تجربةً إعتقالية ؟؟
قال الله سبحانه وتعالى :" لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِين "
أنظروا لقوله تعالى : " وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ
كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "
فلولا معونة الله وتوفيقه وتسديده فإن الإنسان لا يثبت على الحق
لقوله تعالى: " كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ "
فالمسلم اذا خيّر بين المعصية وبين الشدة فيصبر على الشدة ويؤثر أن يطيع الله ولو رموه واتهموه بسوء
لقوله تعالى : " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ "
ولنتذكر استعانة يوسف بالله في " لقوله تعالى : " وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ "
فالداعية أول ما يبدأ ...سيبدأ بالدعوة الى التوحيد
لقوله تعالى : " وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوب " ,"مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ " ,
" يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ"
أكتفي بهذا القدر
يتبـع في اللقـــاء رقـــــم...." 2 "

2008/06/27

~*¤§¤* تقدمـــة *¤§¤*~


بسم الله الرحمن الرحيم

" قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ...." يوسف-33
صدق الله العظيم

هكذا دائماً هي الحياة, رحلة, تجارب , معاناة , أقدار وأحداثٌ
تختلف ما بين حلوها ومرّها

أحبتنا وفلذات أكبادنا من الشباب والصبايا أينما كنتم وحيثما حللتم

و....." لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد"

هذه الخواطر للإستفادة .....مهداة مني لكم ولا منّـــة
من خلال لقاءات تجربتي الإعتقاليـــــــــــــــــــة
* تابع اللقاءات بتسلسل أحداثها
* نستقبل وجهات نظركـــم
* اللقـــاءات قابلة للتعديـــل