2008/08/22

تفاصيل وأسرار الآلية التي تمت فيها تبادل أسرى عملية الجليل 1985


بسم الله الرحمن الرحيم
اللقــــــاء رقم ...... 25

ملحق ( 2 ) للتجربة
لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد لمن هو منتمي لقضيته ليقرأ ويتعلم ويتخذ الخبرة والعبر والعطات
من هذه العملية الجهنمية والتي أشغلت العالم كله في معظم الكرة الأرضية
أحبتي لطالما كتبنا تجربتنا االإعتقالية حهدنا الذي إستطعنا لا بد لنا من سرد كم من المعلومات ذات العلاقة بالتجربة لتطلعوا على أسرار هذه االتجربة الشاملة حرفياً ونقلاً من المصدرإقرأ وتمعن وتمتع وتعلم ... كأنك تعيش الحدث .
لا أدري!!! أهي مسرحية أم فيلم وثائقي حقيقة هي أم خيال . فقد يكون شعوري يختلف عن شعور أي منكم حيث عشت هذه التجربة وما زلت أعيش أحداثها وألتفاعل مع كل مشهد وكلمة يوماً بيوم ولحظة بلحظة
وإليكم ما جاء من المصدر
دمشق ...... الاثنين 20/5/1985 الساعة الآن هي السادسة صباحاً في دمشق ..واليوم هو يوم عملية الجليل ..هاهي الدقائق الحرجة .. بل أحرج دقائق العملية , وأكثرها دقة
.إنها ساعة مفتوحة على احتمالات لاحصر لها ,يمكن أن تنتهي إلى مجزرة أو انتكاسة مثلما يمكن أن تنتهي إلى انتصار .وقبل ذلك الصباح كانت الساعات الثمانية و الأربعين الماضية قد تواصلت متوترة , مشدودة إلى تلك الساعات المثيرة القادمة فمنناضلو الجبهة : " الأمين العام والقيادة المفاوضون وفريق العمل والتدقيق و الحماية أخذوا عهداً على النفس أن يسدوا منافذ المناورةعلى العدو .
وحين كان العدو يقف من الطرف الآخر متربصاً متحينا ً الفرصة للإفلات من خيار الاستسلام لشروط الجبهة كان فريق التدقيق المكون من 15 رفيقاً في سباق مع الساعات القليلة المتبيقة للعملية ..لقد تعود الجميع على السهر واستغنوا عن النوم وهم منكبون على طاولات تضم قوائم بالعربية والإنكليزية , واستمارات وتفاصيل مكدسة عن الأسرى الفلسطينيين
كانت الأيدي والأعين تتابع الأسماء و المعلومات بانفعال ممتزج بالاعتزاز ,وكان هناك قلق لا يبوح بنفسه ,وهاجس بالترقب وتحدي الزمن .. أنه التدقيق النهائي للمعطيات بكل ما يعنيه ذلك من جاهزية فريدة لليقظة إزاء أي خطأ وغفلة , وحتى إزاء كل حرف من كل اسم .
فالعدو لا يرحم و لا يؤمن جانبهولا يصحح الأخطاء التي قد تقع , بل يتسلل منها إلى ما هو ابعد .. وربما إلى اغتيال لحظة الانتصار الفلسطيني نفسها.وكان فريق العمل يعي مهمته و قيمتها و دلالات إنجازه لها ..وهذا ما كان يشكل مصدر حماسته للعمل , وهو حين يبدأ بتطبيق استمارات التخيير التي وقعها الأسرى الفلسطينيين مع تلك المدونة في القوائم التي رفعتها الجبهة ,يشعر أنه يقطف ثمار الجهد المضني للرفيق الأمين العام والمكتب السياسي وللرفاق المفاوضين وكل من كلف بمهمة لانجازهذه العملية العظيمة ويعيش ساعات من سعادة المناضل وهو يتلمس جدوى النضال وأرقى ثماره التي لا تقدر بثمن .إن التدقيق في صيغة الاستمارة يثير تداعيات كثيرة لدى أؤلئك الذين يتولون هذه المهمة .
فقد أرغم العدو على تلاوة نص الصيغة الذي وضعته قيادة الجبهة علناً في جميع السجون ,وعززت من خلاله ثقة الأسرى و أبناء شعبنا في الداخل بانتصار قضية الثورة وانه بالإمكان إجبار العدو على التراجع وتحرير المئات من الفدائيين الفلسطينيين و العرب و أصدقائهم لقد قطعت تلك الاستمارات آلاف الأميال من دمشق إلى جنيف إلى تل أبيب و بالعكس وهي تحمل عنوان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة
فقد استلمها كل محرر واطلع عليها ووقع عليها .وكان الشعور لايوصف حين كان الأسير يقرأ:(( اشهد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولجنة المناضلين السجناء المعينة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة قد أحاطتني علماً بالخيارات المقدمة لي في عملية تبادل الأسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة وبين الطرف الآخر عبر الصليب الأحمر الدولي )).
وأني اختار بإرادتي :...
1 - أن يطلق سراحي و أن أبقى في الداخل
2 - أن يطلق سراحي وأن أغادر .
3 - إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة غير مسؤولة عما يترتب على اختياري بالبقاء في بيتي و بين أهلي في الداخل بل هي قامت بواجبها و حررتني من الأسر وبعد تفكير أوقع على هذا القرار مع علمي بأن سلطات الطرف الآخر تعهدت خطياً للجنة الدولية للصليب الأحمربعدم اعتقالي ثانية بنفس التهم السابقة
4 - اختار أن يطلق سراحي : عبر جنيف أو/ داخل الأرض المحتلة ) .وفي ذلك اليوم كانت هناك لجنة للمتابعة الميدانية من الصليب الأحمر وقيادة الجبهة ,. تتكفل عبر أجهزة الهاتف وطرق الاتصال المختلفة , معالجة جميع مستلزمات تنفيذ العملية , بما فيها تامين وصول الطائرات الثلاثة التي يفترض أن تقلع من مطار دمشق , صباح هذا اليوم وعلى متن كل واحدة أحد الأسرى الصهاينة مع الوفد المفاوض, و مقاتلي الجبهة وممثلين من فصائل الثورة الفلسطينية ومن جهته كان السيد إيمري المفاوض النمساوي , يقيم في منزل سفير بلاده في دمشق و يتابع معه الاستعدادات و الضمانات لانجاح عملية التبادل وبخاصة موضوع الطائرات التي بدا أن وصولها في الوقت المحدد تحيطه الشكوك و الصعوبات .
كانت قيادة الجبهة قد حجزت , قبل أيام ثلاث طائرات , واحدة ليبية و اثنتان بلغاريتان , على أن تصل في منتصف ليلة التبادل , غير انه في الساعة العاشرة مساءاً أعلن المسؤولون البلغار بأن الأتراك منعوا طائراتهم من استخدام الأجواء التركية وصولا إلى دمشق , مما يحول دون وصولهما في الوقت المحدد ,الأمر الذي سجلته قيادة الجبهة ضمن محاولات عرقلة التبادل أو نسفها , أو إيجاد خلل في الآلية المتفق عليها بما يسمح للمناورة .مع تواصل مناشدة البلغار بضرورة تكرار الطلب على الحكومة التركية للسماح للطائرات بالمرور إلى سوريا , وتأكيد صوفيا , فيما بعد , أنها أخفقت في إقناع أنقرة بذلك .
جرى التحول بالتفكير إلىضرورة الحصول على طائرتين بديلتين بسرعة , وفي هذه اللحظة تكثفت الاتصالات والمحاولات بكل ما كانت تسمح به الساعات القليلة المتبقية . رن جرس الهاتف في منزل السفير النمساوي غروبماير بدمشق لتعلن له الجبهة بانها بحاجة الى تأمين طائرتين نمساويتين عاجلتين من أجل ترتيب اجراءات التبادل, فوعد بانه سيتصل بحكومته لبحث الطلب ,بعد أن عبّرَ عن انزعاجه و حيرته هو والسيد إيمريإزاء العراقيل الناشئة في الساعات الأخيرة .
في غضون ذلك تشكل في مقر الجبهة فريق عمل من الوسيط إيمري و السفير النمساوي ومدير شركة الطيران النمساوية في دمشق لمتابعة الموضوع , وبعد ساعة أبلغت قيادة الجبهة أن هناك طائرة نمساوية من نوع" دي سي9 " جاهزة وهي في طريقها إلى دمشق , وتجري محاولات جادة لتأمين الثانية , فيما اتصلت طرابلس لتعلن أن طائرتين ليبيتين بدلا من واحدة انطلقتاف ي طريقهما إلى العاصمة السورية لتوضعا تحت تصرف عملية التبادل .وهكذا بعد ساعات من القلق و المحاولات الشاقة , جرى تأمين الطائرات المطلوبة في نفس الوقت الذي كان فيها السيد إيمري يتابع الاتصال مع فينا للحصول على طائرة رابعة .
الساعة الخامسة صباحاً
جميع المستلزمات أصبحت معدة بانتظار التنفيذ .عملية الجليل تخرج الآن من بين الملفات و المحاضر و التمنيات إلى حيز التنفيذ ._ هاهي الطائرات الثلاث .. وها هم أسرى العدو , بدون قيود , ولا زجر أو شتائم , خلافاً لما يحصل للأسرى الفلسطينيينفي نفس الساعة بمكان آخر . وها هو الجمع الغفير من شهود وحماة ومدافعين عن الخطوة الحاسمة , يتأهب , ويتابع كل لحظة.و في جنيف يزداد الترقب و اليقظة و استبعاد أي اطمئنان للعدو , وحضور دقيق لأي احتمال منه.
إلى المطار أيها الرفـــــــــــــــــــــــــــــــــاق .
فريق الحماية يقود الأسرى الثلاثة .
و الوفد المفاوض من قيادة الجبهة وممثلوا الصليب الأحمر و السفارة النمساوية ,
وممثلوا الفصائل الوطنية الفلسطينية و العربية ,في طريقهم إلى الطائرات .المرافقون .. الصحفيون .. الملاحون .

وإلى أن نلتقي معكم واللقــاء رقم ......
26

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق