2008/08/02

علمتني التجربة بأن دعوا قلوبكم كالمساجد

بسم الله الرحمن الرحيم
اللـــقاء رقـــم..... ( 16 )
تابع اللقاءات بتسلسل أحداثها"
نستقبل وجهات نظركم "
حيث أنها قابلة للتعديل
عقائد أهل السنة والجماعة تقـــــول :
" لا نكفر أحداً بذنب ما لم يستحله .........
" أن يكون كفراً صريحاً وبوّاحاً مخرجاً عن ملّة الإسلام " "
فليكن حبنا لوجه الله وغضبنا لوجهه الكريم..... فكّرهنا وحبنا للشخص يرتبط بأعماله وهذه مسألة نسبية إذا صحّ التعبير!!!...
وتتعلق من وجهة نظري بالذات الإنسانية يتحكم فيها الواقع
فقد يظهرها الإنسان أو يخفيها وفي ذلك وجهـــــات نظر
فالإنسان الذي يخالفنا لطالما هو ملتزم حدوده وإن كنا لا نحبة فلماذا نكرهه...؟!
وقد يكون تعاملنا معه هو السبيل لهدايته وإن كان عاصياً..... والله أعلم
عهداً لك قلبي وفداك حبي يا وطني الجريح...
قلبي لك مفتوح وأفديك بلا حدود....... ولو كره يهود.
الطائــــع يزداد تعلقاً بربه ,
والعاصي لربما يسمع كلمة طيبة تؤثر فيه وتكون سببا لهدايته..
.أود أن أضع النقاط على الحروف حول عدم إشارتي في بدايةً التجربة الإعتقالية لحيثيات وتفاصبل المتناقضات التي واجهتها مع شخصيات عشت معها بين القضبان الحديدية على مدار 15 عام من المعاناة
يجدر بي لأن أقول وليستفيد الشباب والصبايا من هذا اللقاء وعلى وجه الخصوص حول كيفية التعامل فيما بيننا وكيف يطلب الواقع وواجب الحال من كل منا لأن يختار خليله الصالح وليبتعدعن خليل السوء كان من كان
أقـــــول : ... بداية كلنا شعب واحد وفي الشرق همّ وأبناء قضية تجمعنا فيها وحدة الحال. وكل الخلق عيال الله ولا بد لي من أن أشير بأن كل الأسرى
ليسوا سجناء عاديين...بل هم بنظري شعار النجمة فوق الجبين...
نعم هم كذلك بغض النظر عن إنتماءاتهم ولي توجه ومفهوم حول هذا الشعار
لطالما الطاعة والمعصية تزيد أو تنقص وكلنا يدافع عن قضية واحدة ويؤمن بعدالة قضيته وقد يهدي المولى العصاة ومن يدري..!!
فمن أجل أن نرتقي للمستوى المطلوب ونتعالى عن سفاسف الأمورعلى أن لا تكون على حساب العقيدة والكرامة مع ترك القال والقيل والإنشغال في ما يقولون...
لعلنا ندرك بأن الكل ضحى بزهرة شبابه ولم يلتفت لمصلحته الذاتية المباشر
ومن أجل تحقيق الذات الفسطينية وترسيخ الهوية إذا صح التعبير.
فالغالبية العظمى ناضلت على الفطرة من خلال مفهوم الجهاد فاستقر بهم الحال خلف القضبان الحديدية هذا ما سنتكلم عنه لاحقاً بهدف الوقوف عند الحقائق والبعد عن المثاليات
فهناك همّ عام له حق الأولوية يستحق أن نتدبره... ذلك لأن العدو يتغذي على خلافاتنا ويخطط لفك صلة الروابط فيما بيننا بكل الوسائل المتاحة له ...وهذا ما لايخفى علينا جميعاً.
فوحدة الحال كانت تتجلى عندما كنا نسمع نبأ عملية خطف طائرة أو عملية خطف جندي أو السيطرة على أية مؤسسة إسرائيلية من قبل مجموعة فدائية دخلت الحدود وتجاوزت الصعاب لتصل إلى هدفها وبغض النظر من الفصيل القائم عليها ..
حينها الكل كان يلجأ إلى واحد أحــــد ...ويطلب من الله أن تتم بنجاح بغض النظر عن الإختلافات العقائدية!!!نعم كنا ننسى خلافاتنا ونتهيأ وننتظر النتائج لأية عملية يقوم فيها الشباب
فإن كانت نتائجها إيجابية أم سلبية كنا متوحدين في تفاعلنا مع الحدث.
.ولا أريد أن أسهب أكثر في هذا المجال. فالكل كان معنياً بمتابعة الأحداث وبالتطورات العامة يوماً بيوم بل لحظة بلحظة ...فحلقة الوصل بيننا وبين الخارج كانت جريدة الأنباء المحررة باللغة العربية والتي كنا نطلق عليها بالجريدة الصفراء وكذلك نشرات الأخبار الناطقة باللغة العربية من المذياع أو التلفاز أحياناً وكلها تركز على تثبيط العزائم بتحيزها وتحفظها عن نشر بعض الحقائق وتقصد من ذلك قتل معنوية المعتقلين وتجتهد لأن تبعث اليأس في نفوس البعض إلا أن الوعى لدى عامة المعتقلين كان يجعلهم من أن يقرأوا رسالة الإعلام الإسرائيلي على غير ما تهدف إليه وكان ذلك يضعنا أمام بعض الحقائق في العالم خارج السجن..
فإذا ما كان حدث سياسي بارز كانت تسمعنا إياه إدارة السجن إن كانت النتائج متوافقة وأهدافها قد تزيد من نشرات الأخبار بهدف غيظنا لأنه لا مجال لنا من غلق المذياع الذي نسمعه غن طريق سماعة من خارج الغرف وقد تحجب إداؤة السجن نشرات الإخبار بحجة الأمن وبتخوفها من ردود فعل تغضبها هذا إذا كانت نتائج الحدث من عمليات وغيرها لصالح السجناء ..وقد تمنع زيارات الأهل ...ورغم كل ذلك كانت الأخبار تتسرب عن قصد أو غير قصد من قبل العمال والحراس أو نتيجة تواصل منظم بين الأقسام وأحياناً كنا نحصل على راديو بشكل قلم حبر هذا قبل أن تسمح إدارة السجون لعدد قليل من السجون بشراء جهاز راديوا في نهاية السبعينات بينما كان تلفاز واحد خارج الغرف يشاهده من يرغب بشكل جماعي مرة واحدة كل أسبوع من مساء يوم الجمعة
ومن ثم سمحت إدارة السجون بشراء تلفاز لكل غرفة بعد منتصف الثمانينات.. وعلى أية حال كان لا يسمح إلا بمشاهدة النلفزيون الإسرائيلي في أغلب الأحوال وكان يسمح للبعض بمشاهدة وسماع جميع المحطات بشكل مطلق..
ومن خلال ذلك كانت تتسرب لنا الأخبار يوماً بيوم وكان الشباب يعممونها بشكل نشرات على جميع الغرف
فرغم كل ذلك ورغم الوعي فهذا الوضع كان يضعنا في حيرة للوقوف عند الحقائق
وكنا نشعر بقلق وهواجز ولا يستقر لنا حال إلا عندما نلتقي بأهلنا لنسمع منهم الخبر اليقين
فهذا كان كفيل نوعاً ما لأن يقضي على مضجعنا ويزيد من أمراضنا فهذا هو الواقع لطالما الإنسان من لحم ودم فمثل هذه الظواهر تؤدي أحياناً إلى التناحرات والتناقضات في الأفكار والتوجهات وأن يتم فعل ورد فعل فالأمانة تتطلب منا لأن نسردها بعض الشيء وصدقاً معظمها نتيجة القهر والكبت والحرمان وإثبات الذات وعندما خرجنا من السجن تناسينا كل ذلك وها نحن اليوم نشارك جميع الفصائل أفراحها وأتراحها ونتعامل معاً نأكل ونشرب والكل فينا يشارك ويتابع هموم الآخرفما وضع غزة هاشم سوى مرحلة ستنتهي ويلتقي الجميع بإذن الله على الحق ويلتئم الجرح بصبر العظماء
فهذه هي الدنيا والدنيا هي سجن المؤمن فكلنا مطالب بمعرفة الحق والحقيقة وإن كانت مرة ليتم معرفة الحق وأهلة
وإن كل فتاة بأبيها معجبة فحال الإنسان دائماً يخضع للمتغيرات فالذي يمسي كافراً قد يصبح مؤمناً والذي يصبح مؤمناً قد يمسي كافراً إلاّ ما رحم ربي ...فلهذا كنت أتبع في تعاملي قاعدة شرعية ذكرتها لكم في عدة مواضيع سابقة
وفي عدة لقاءات من التجربة الإعتقالية الشاملة ..فالقاعدة تتمثل بقول الحبيب المصطفي سيدنا وسيدكم وسيد الخلق أجمعين حين يقول في حديث بما معناه:" أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون عدوك يوما ما وابغض عدوك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما ..."
وكما قال الشاعر......... ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى : عدواً له ما من صداقته بد ...
وقد يقول البعض لا خير في الناس ولكن يجب أن نعلم بأنه لا بد من الناس وافهمها يا فهيم...
!!!فبطبيعة الحال لكل إنسان خصوصياته وتصوراته وأهدافه ونشطاته وعلاقاته
يستطيع من خلالها خلق الذات وتكوين شخصيته......
ولا يفوتنا هنا من أن نبين للجميع بأن لكل أسير ميزات وظروف ووضع شخصي وواقع إجتماعي وعلاقات شخصية وروابط تنظيمية وعائلية وعلى وجه الخصوص تواصله مع أهله من والدين وزوجة وأبناء وأخوة وأخوات وخلاّن قد يعاني من أمور عائلية قد يكبتها أو يسّر بها لأصحابه ويناجيهم كل ذلك كان يؤدي إلى ضغوط نفسية فهو بحاجة لأن يوثق العلاقات الطيبة مع من يعيش معهم فهذه حرب قاتلة تواجه الأسير يوماً بيوم بل لحظة بلحظة وقد تحول بينه وبين منامه وهذا يفرض على كل معتقل وأسير لأن يتكاتف ويتعاضد ويتوجه بصدق نحو وحدة الهدف والمصير
فهدفي من الكتابة التواصل وتبليغ رسالة تجربتي الإعتقالية للشباب وللصبايا فس أرجـــاء المعمـــورة لأن يتم إرشادهم وتوجيههم للطريق الصحيح.فأنا والكل فيكم مطالب لأن يكون هيناً ليناً وأن لا يقطع شعرة معاوية حتى يتقبل بعضنا بعضاً .. فهناك من خالفني في وجهات نظره وفهمني غلط في مواقع لا تتعلق بالتجربة وتجاوز حدوده ..فلست معنياً لأن أنزل لمستوى وأسلوب يسوقني للمتاهات لطالما الإسلام ينمي ولا ينتمي فردي كان وسيبقى على مستوى المسؤولية ومن يقنع يرضى...
فالكل منكم أحبتي في الشدة والرخاء ..فلا مجال للجدل العقيم ورد الفعل اللئيم كما وأن الأمور بخواتيمها
لقد قيل :أَرى الناسَ إِخوانَ الرَخاءِ وَإِنّما أَخوكَ الذي آَخاكَ عِندَ الشَدائدِ
مخالطة الأنذال والسفلة تحط الهيبة وتضع المنزلة وتكل اللسان وتزري الإنسان‏.‏
العرب تقول ‏(‏أنت تئق وأنا مئق فمتى نتفق).يضرب في سوء المعاشرة والإتفاق
مئــــق :.... يبكي من الغيظ.... ولها معاني أخرى
تئـــق :....الممتليء غضباً وحزناً.. ولها أيضاً معاني غير ذلك.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن ألف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف"
إن المتأمل في أوامر الله المتمثلة في الدين الإسلامي يجدها تعمل على ترسيخ العلاقات الانسانية بين أفراد النوع البشري، ومن هذه الاجراءات والتعاليم، الدعوة الى اتخاذ الأخلاّء والأصدقاء،وتكوين علاقات الاُخوّة والمحبة والصداقة بين أفراد المجتمع. ولأجل ذلك حدد الاسلام القواعد والاُسس لتنطيم علاقات الصداقة، بعد أن حثّ عليها.
ولقد تحدث القرآن عن الأصدقاء في موارد عدة من بيانه وهديه :
قال تعالـــــــــــــــــــــــى متحدثاً عن الأخلاّء : ................
* (لأخلاّء يومئذ بعضهُم لبعض عدوٌّ الاّ المتّقين). "لزخرف/ 67"
* (يوم يعضُّ الظالمُ على يديه يقول يا ليتني اتّخذتُ مع الرسول سبيلاً.
يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلاناً خليلاً *لقد أضلّني عن الذّكر بعد اذ جاءني
وكان الشيطانُ للانسان خذولاً). (الفرقان / 27 ـ 29)
فالسجن بوجود السجان والإختلاف مع الإخوان ومن خلف القضبان يجعلك أن تجتهد لتصلح حالك مع أخيك لتقهر السجان وتعيش مع أخيك بأمان ووئام والسجن مجتمع لا يخلوا من التناقضات وفيه من كل قطر شاب متعددي اللغات والثقافات وفيه تفاوت في الأعمار ...كل ذلك يملي عليك لأن تكون كيّس فطن وليس بكيس قطن
فيقول النبي (صلى الله عليه فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما ان يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)
وأستدرك قولي في خاتمة هذا اللقاء: ........
بأنه علينا أن نتخذ السبل السليمة في معاملاتنا وسلوكياتنا وعلمنا وعملنا
أينما كنّا وحيثما حللنا وأن نكون عوناً لبعضنا البعض
فهذه تذكرة لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيــــــد.
وأكتفي بهذا القدر

وإلى أن نلتقي معكم واللقاء رقـــم
...... ( 17 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق