2008/08/13

تجربة المعاناة وظروف الحياة المعيشية مع القوت اليومي والإضرابات عن الطعام وتناول الزوندا قهراً


بسم الله الرحمن الرحيم

اللقاء رقم .............19
تابع اللقاءات بتسلسل أحداثها"
نستقبل وجهات نظركم "
حيث أنها قابلة للتعديل
تقدمــــــــــــة :..... الأسير الفلسطيني متميز في أسلوب تكيفه مع واقعه من خلف الجدران والقضبان الحديدية

وعليــــــه:....... ليس هناك أدنى شك بأن إدارة مصلحة السجون لديها قوانين تعممها على إدارة السجون في ظاهرها الرحمة ومن قبلها فيه العذاب والتي ذكرناها لكم في لقاء سابق
من خلال خريطة السجون والمعتقلات الصهيونية


تعتمد هذه القوانين على أسلوب إعطاء إمتيازات للأسرى ومن ثم سحبها لتصبح مطالب جديدة وهذه المطالب تأخذ أشكال عديدة مثل الإضراب عن...

( الطعام , الزيارات , الوقوف للعدد , الخروج للفورة مقابلة الصليب الأحمر والمحامين وما إلى ذلك من أشكال النضال .حسب مستلزمات واقع كل مرحلة)


ومن الجدير بالذكر بأن إدارة كل سجن لها قوانينها الخاصة تتعامل معها رغم القوانين المسجلة في اللوائح الرسمية لدى مصلحة السجون والمعتقلات الإسرائيلية والتي تأخذ طابع الشكليات لأن تعتمدها عند الحاجة لدى الصليب الأحمر وتتذرع بها عند المواجهة القانونية حيث تحمل عبء المسؤولية في خروج إدارة أي معتقل عن نص هذه القوانين لمدير السجن والمعتقل


وبطبيعة الحال رغم هذه الشكليات بالتأكيد بأن أية خطوة يتم إتخاذها من قبل أي إدارة سجن وبإشعار منها ستكون موثقة رسمياً مع إدارة مصلحة السجون ولا تأخذها على عاتقها وما نسمعه من على وسائل الإعلام ليس سوى دعاية شكلية وإستهلاك إعلامي لا يمت لواقع معاناة الإسرى والمعتقلين بصلة.


هنا قد يسأل أحدكم ليقول : .
ماذا تهدف إدارة مصلحة السجون من هذا كلــه ؟

فالجواب:-
تعمل على قتل الأسير/ة الفلسطيني وتفريغه من محتوى إنسانيته وإنتمائاته ليصبح لعبة يمكن لها أن تطوعه لأن يخضع لما تخط له من يأس وإسقاط خلقي وأمني وليكن همه الوحيد أن يحصل على قوت يومه فيتم التخاذل والإستسلام للواقع الجديد


فهنا نفهم بأن توجه إدارة السجن تتركز على إبعاذ الأسير عن إثبات الذات وأن لا يستطيع التمرد ليؤول به المطاف إلى مستوى الدرجة الدنيا إذا صح التعبير , ولكن هيهات هيهات فالأسير الفلسطيني بوعيه وتفهمه لواقعه يزداد تحدياً فيتغلب على كل الصعاب كما أشرنا في لقاءات سابقة بأنه يجعل من سجنه جامعه ومعهد ومدرسة كالمدرســــة اليوسفيـــــــــة


وقد يخضع البعض لما تخطط له إدارة السجون ولا غرابة في ذلك وهم قلّة ولكل قاعدة شواذ فيتم الإنحراف أو قد يصاب بالهوس والجنون والتيه والإنحراف مما يؤدي به لأن يصاب بمرض عضال أو أن يهرب ويتوجه... لغرف العصافير" غرف العار .....حيث توجد ظروف حياة أفضل


ولكن آااااااه , أواااه حسبنا الله ونعم الوكيل الذي يحصل قد يقبل على نفسه
هذا الواقع المرير الذي أدى به لأن يتوجه لغرف العار


وهناك من لا يقبل على نفسه هذا الواقع المر ويحاول العودة من حيث هرب لغرف الشباب الشرفاء وبطبيعة الحال كما بينا سابقاً يكون تحت المراقبة وقد يقاطع وهذه مشكلة صعبة ستواجهه حيث يدخل مثل هذا الأسير في صراع مع نفسه فإن إستطاع التكيف فيقبل بأخف الضررين بحكم واقعه النفسي الجديد والذي جنته يداه فيستقر به الحال وبطبيعة الحال يحرم من أية مسؤولية رسمية وإن كان كفؤاً لها وقد توكل إليه مهام ثانوية ولا تعمم عليه القرارات السرية إلا عند التنفيذ حتى لا يتم تهريب المعلومة لإدارة السجن.. وهذا من باب الحس الأمني


وأحياناً مثل هؤلاء الأسرى يفضل أن يهرب لغرف العار مرة ثانية وقد يطلب منه العودة فيطمئن وحسب وضعه النفسي فقد يستمر ويبقى تحت حراسة دائمة وهناك حالات قاهرة تؤدي لأن تتخذ لجنة الموجهين السياسيين للفصائل قراراً
بوضعه في الزاوية فيتم التحقيق معه فيوثق إعترافاته بخط يده فقد يتم إعدامه...أو قد يقوم هو بشنق نفسه


وكل هذا أدى لتكثيف حملات التوعية في السجون وإعطاء مجال لكل معتقل جديد أن يسجل ما في جعبتهليتم توجيهه قبل أن يتورط. , ورغم هذه المعاناة ليس هناك أدنى شك بوجود صراعات فكرية بين الفصائل ينعكس أثرها سلباً غلى الأشخاص ولكنها تأخذ ظاهرة المد والجزر إذا صح القول ,وما أنقله لكم هو واقع عشناه وعانيناه يوماً بيوم


ورغم كل التناقضات إستطعنا بعون الله أن نحافظ على علاقة متوازنة مع الجميع تماماً كما هو حالنا بين ظهرانيكم فلم ولن نتبع أسلوب المبالغة وأسلوب الغمغمة والتحايل لأن نزاود أو نعمل من الحبة قبّة وكلمة الحق والواقع يجب أن تتم الإشارة إليها


لا شك بأن هناك خصوصيات في التجربة. وكما يقولون خصوصيات كل بيت من المستحب أن لا تعمم حيث أن البيوت مستورة تماماً إذا أردنا التوضيح أكثر لكل منّا شخصيتان تتمثل في خصوصياته ولا أعني إنفصام الشخصية لا سمح الله .


المأكـــــــــل( الطعام )والمشرب.:...
طبعاً الطعام ما بسمح لأحد أن يزايد علينا فيه !!! فهــــو بمستــــوى فنـــــدق سبعــــــة نجـــــوم .الحمد للـــه قوت ولا تمــــوت...بس ما بنصح واحد بطنه كبير أن يفـــــوت على السجن من شان ما يمـــــــــــوت.وإللي بحب يموت من الجوع يفوت ويجرب .....هههههههههه


لطالما الأسير يحرم من الطعام ألذي يريده فهو فقير ذلك لأن الفقراء يكونوا جوعى ويستحضرني قول سيدنا عمر رضي الله عنه لو كان الفقر رجلا لقاتلته فمن يحرم من الطعام بالتأكيد سيجوع هذا أكيد فقر وحرمان ومع الجوع والحرمان قد يؤدي أحياناً إلى تراجع في التحدي إلى حد ما ولا يستطيع السجين أن ينتج أحياناً ويتحدى واقعه إلا ما رحم ربي وهذا حال الأسير يوماً بيوم يعمل على مواجهة الصراع مع النفس والمعدة فتراه يثابر ويقاوم


أقول ذلك وعلى وجه الخصوص في بداية السبعينات . كانت إدارة السجون تطبخ بزر المكانس النتن الرائحة
والخضار العفنة متعمدة مع الماء الملون في وجبة الظهر الأساسية . حيث كان الأسرى يأخذون ما يمكن أكلة من خضار وخبز ويكب الباقي في سلة القمامة واستمر بهم الحال لفترة ما بين 1967 وحتى أول 1970 وهذا غيض من فيض


وقد يكون عانى البعض في زنازينهم الإنفرادية أكثر من ذلك , وقد كان البعض تسببت له المجاعة بالموت طبعاً بإتباع سياسة التجويع بهذا الشكل يؤدي بالأسرى لأن يتوجهوا قهراً لأن ينشغلوا بحاجة أمعائهم إلى أن إستطاع الأسرى بنضالاتهم العمل على تحقيق طلباتهم لتتم الموافقة على تحسين الطعام .ولا ينكر أي فينا بأن الطعام حاجة ضرورية تساعد على البقاء ......والحرمان منه يعني التوجه من قبل إدارة مصلحة السجون أن تقتل الأسرى ببطء وهذا يؤدي بالأسرى لأن يفكروا بوسيلة ما للهرب من جوعهم من أجل الإستمرار في الحياة. وكما أشرنا بأن هذه السياسات أدت ببعض الأسرى من ذوي الهمة الضعيفة أن يلجؤا لغرف العار


وعلى أقل تقدير سياسة القهر هذه تجعل من الأسرى أن لا يتوجهوا بأي عمل نضالي يخدم قضيتهم .ليكن همهم الحصول على فتات من الطعام لبسدوا به رمق جوعهم وقد يمضون جلّ وقتهم في النوم هرباً من الجوع مما يعطل نشاطات كثيرة.. لا تخفى عليكم ويجدر بالذكر رغم الجوع كانت تتخذ قرارات للبدء بالإضراب عن الطعام لفترات قد تصل لـ 60 يوماً ولا أبالغ فأنا من عاصر إضراباً وصل لـ 40 يوماً.


وقد يستغرب أحدكم فيقول هذا مستحيل !!!..

فالجواب :

هو واقع ولكن إدارة السجون كانت تأخذ الأسرى جبراً إلى عيادة المعتقل فتضع البرابيج في حلوقهم ويشرعون بصب كأس واحد كل يوم مرة أو مرتين من الزوندا " זונדה " المكونه من البيض النيء المخلوط مع الحليب والزبدة فيتم إستعمال نفس البربيج مع معظم الأسرى مما يؤدي بهم أحياناً لأن يتم جرح الحلق فينزف الدم فتحصل مضاعفات قد لا تحمد عقباها


فللعلـــــــــــم..
ومن الأمر الذي قد يستغربه من لم يعيش هذا الواقع كانت هناك مقاومة من قبل الأسرى للمطالبة بإستعمال البريبج من أنوفهم بدلاً من الحلق لأنه أهون عليهم ليصب في جوفهم شراب الزوندا.ذلك لأن تجارب الأسرى تثبت ذلك ويمكنكم أن تسألوا أي طبيب فيوضح لكم كيف ذلك لمن لم يستوعب الأمر فبطبيعة الحال مثل هذه الحالات لم تكن في جميع السجون والمعتقلات


فأكثر ما عانى منها سجناء عسقلان بالدرجة الأولى حسب معرفتي وقد يليه سجن بئر السبع ولكن تلت ذلك مطالبات من قبل الأسرى ومناصريهم في الخارج أن تطالب بعدم إستعمال البربيج فتم ذلك واتخذ قراراً في الكنيست الإسرائيلية بإستعمال الكأس بدلاً من البربيج ولكن بقى القرار أن يتم جبراً ولكنه من أخف الضررين وخطوة أفضل من سابقتها وهذا أمر لمن يتابع التجربة عليه أن يدرك بأن هناك فعاليات من قبل حركات ومؤسسات وأهالي تعتبر جهودها داعمة للحركة الأسيرة


ولكن ما زالت الحركة الأسيرة تتابع نضالاتها أن لا يتم إستعمال الزوندا جبراً , وأن يتم أخذها طوعاً فوافقت الكنيست الإسرائيلية على ذلك ومن يرفضها ستعطى له بالكأس جبراً فهنا تم تطبيقه .


ولكن واجه الأسرى مشكلة حول عدم النظافة بحيث كان يتم إستعمال الكؤوس نفسها دون تنظيف ناهيكم عن الرائحة الكريهة التي تنبعث من البيض الذي هو من مكونات الزوندا بالإضافة إلى الرائحة التي تضاف من فم الأسرى.

.وهذا أمر قاتل كان يؤدي لمضاعفات قاتلة كان يجعل البعض من الأسرى أن يتمردوا ويفضلون الموت عن تناول الزوندا بنفس الكؤوس ومن خلال إصرار الأسرى للمطالبة بأن يتم تشكيل لجنة من الأسرى لتقوم بالإشراف على تناول وجبة الزوندا بحيث يتم غسل الكؤوس وتعقيمها أولاً بأول

على أن لا يتم إستعمالها مرتين معاً وهذه الحاله عشتها وعاصرتها في سجن عسقلان لفترة دامت الأسبوعين تقريباً وكنا حينها نرفض أن نتناول أكثر من وجبة واحدة لإعتبارات نفسية


وإلى أن نلتقي معكم واللقاء رقــم........20

هناك تعليقان (2):

  1. حلقة مثيرة اخرى ..

    بارك الله فيك .. وبارك في قلمك !

    معلومات مدهشة نقرأها دائما ..

    وإن شاء الله متابعينكم

    والسلام .


    عُمر توك !

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لكم مني تحية الإسلام والمحبة والشوق ولشبابنا الواعد وللصبايا أمهات المستقبل ولشيوخنا وأطفالنا وأمهاتنا في هذه المعمورة

    عزيزي ...عُمر توك !

    هذه تجربة كلماتها تترجمها مشاعري وأحاسيسي ولا تحتاج لتحضير أو عمل مسودة .. بل هي من واقع 15 سنة كانت من أحلى ما يمكن أن أقول في حياتي وستبقى هكذا حتى مماتي

    فروعتها ودهشتها تكمن في متابعاتكم
    ومدى إستفادتكم منها

    لم ولن أبخل عليكم بشيء جهدي الذي أستطيع لعلني أفي بالمطلوب ’ ولا منّـة

    فرغم أنني في العقد السادس من عمري
    إلاّ أنني أتفاعل مع جميع الأعمار
    وأنتظر تسائلاتهم لأجيب عليها

    فقد تسألتي سؤآلاّ فتلقى مني رداً موسعاً
    يتخلله معلومات جديدة ستفيدكم

    وبعد أن أنتهي من كتابة هذه التجربة بعون لله والتي ربما يصل عدد لقاآتها الثلاثين لقاءاّ وقد يزيد

    وبعد شهر رمضان الله المبارك أعاده الله عليناجميعاً بالخير والبركة والطاعات والنصر المبـيــــــن
    أللّهـــم آميـــــــــــــن

    سأكتب في عدة مواضيع والتي ستنال من إعجابكم


    فأهلاً وسهلاً بكــم

    وعلى الرحب والسعة

    خادمكــــــــــــــــــم

    ردحذف